[hr]
الخوارج هي فرقة إسلامية، ظهرت في عهد الخليفة الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، نتيجة الخلافات السياسية التي بدأت في عهده.
تتصف هذه الفرقة بأنها أشد الفرق دفاعا عن مذهبها وتعصبا لآرائها، كانوا
يدعون بالبراءة والرفض للخليفة عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والحكام
من بني أمية، كسبب لتفضيلهم حكم الدنيا، على إيقاف الاحتقان بين المسلمين،
في الفتنة الكبرى (سنة وشيعة).
أصر الخوارج على الاختيار والبيعة في الحكم، مع ضرورة محاسبة أمير المسلمين
على كل صغيرة، كذلك عدم حاجة الأمة الإسلامية لخليفة زمن السلم.
كان أغلب الخوارج من "القراء" أي حفظة القرآن الكريم، وقد بايعوا عليّا بن
أبي طالب بعد مقتل عثمان بن عفان. ثم خرج معاوية في جيش لملاقاة عليّ وكانت
موقعة صفين.
النشأة
بعد انهزام جيش معاوية القادم من الشام أمام جيش الإمام علي القادم من
العراق، وقبل أن يفنى جيش الشام أمام جيش العراق، أمر عمرو بن العاص أحد
قادة الجيش الشامي برفع المصاحف على أسنة الرماح درأً للهزيمة المحققة ثم
طلبوا التحكيم لكتاب الله. شعر علي بن أبي طالب أن هذه خدعة لكنه قبل وقف
القتال احتراما للقرآن الكريم وأيضا نتيجة رغبته في حقن الدماء وذلك رغم
أنتصار جيشه، علما بأن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه انتظر وقتا قبل
القتال حتي يقتنع معاوية بن أبي سفيان بمبايعته علما بأن مبايعة علي صحيحة
لان تمت بنفس الطريقة التي بويع بها أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وعثمان
بن عفان، وبعد توقف القتال والتفاهم على أن يمثل أبو موسى الأشعري عليا بن
أبي طالب ويمثل عمرو بن العاص معاوية بن أبي سفيان، وحددوا موعداً للتحكيم
وفي طريق عودتهم إلى العراق خرج إثنا عشرألف رجل من جيش علي يرفضون فكرة
التحكيم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان في النزاع. لقد رأوا أن كتاب الله
قد "حكم" في أمر هؤلاء "البغاة" (يقصدون معاوية وأنصاره) ومن ثم فلا يجوز
تحكيم الرجال -عمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري- فيما "حكم" فيه "الله"
صاحوا قائلين: "لا حكم إلا لله". ومن هنا أطلق عليهم "المُحَكِّمة"
ما كان من عليّ إلا أن علق على عبارتهم تلك قائلا: "إنها كلمة حق يراد بها
باطل". بعد اجتماع عمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري نتج عنه "تضعيف لشرعية
عليّ" و"تعزيز لموقف معاوية"، ازداد المُحَكِّمة يقينا بسلامة موقفهم
وطالبوا عليّا بـ:
رفض التحكيم ونتائجة والتحلل من شروطها
النهوض لقتال معاوية
ولكن عليّا رفض ذلك قائلا: "ويحكم! أبعد الرضا والعهد والميثاق أرجع؟ أبعد
أن كتبناه ننقضه؟ إن هذا لا يحل". وهنا انشق المُحَكِّمة عن عليّ، واختارو
لهم أميرا من الأزد وهو عبد الله بن وهب الراسبي
التسمية
أطلقوا على أنفسهم:المؤمنين - جماعة المؤمنين - الجماعة المؤمنة
تسمية الخوارج: أطلق عليهم خصومهم الفكريون والسياسيون اسم "الخوارج"
لخروجهم -في رأي خصومهم- على أئمة الحق والعدل، وثوراتهم المتعددة. ولما
شاع هذا الاسم، قبلوا به ولكنهم فسروه على أنه: خروج على أئمة الجور والفسق
والضعف" وأن خروجهم إنما هو جهاد في سبيل الله.
تسمية أهل النهروان: والنهروان اسم إحدى المواقع التي خاضوها في ثوراتهم
تسمية الحرورية أو الحروريين: انتسابا لإحدى المواقع التي خاضوا في ثوراتهم أيضا
تسمية المُحَكِّمة: لأنهم رفضوا حكم عمرو والأشعري، وقالوا "لا حكم إلا لله"
تسمية الشراة: سموا أنفسهم الشراة، كمن باعوا أرواحهم في الدنيا واشتروا النعيم في الآخرة، والمفرد "شار"
أصول الفكر الخارجي
في نظام الحكم
أي السلطة العليا للدولة (الإمامة والخلافة): يشترطون صلاح وصلاحية المسلم
لتولي هذا المنصب بصرف النظر عن نسبه وجنسه ولونه، وهم بذلك يتميزون عمن
اشترطوا النسب القرشي أو العربي. ومنهم من أجاز ولاية المرأة.
في الثورة
أجمع الخوارج على وجوب الثورة على أئمة الجور والفسق والضعف. حد الشراء:
عندهم، يجب الخروج إذا بلغ عدد المنكرين على أئمة الجور أربعين رجلا ويسمون
هذا "حد الشراء" أي الذين اشتروا الجنة بأرواحهم. مسلك الكتمان: لا يجوز
للثائرين القعود إلا إذا نقص العدد عن ثلاثة رجال، فإن نقصوا عن الثلاثة
جاز لهم القعود وكتمان العقيدة. حد الظهور: عند قيام دولتهم ونظامهم تحت
قيادة "إمام الظهور". حد الدفاع: التصدي لهجوم الأعداء تحت قيادة "إمام
الدفاع".
في التقويم الإسلامي
يتبنى الخوارج ولاية أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وخلافة عثمان بن عفان
حتى ما قبل السنوات الست الأخيرة فهم يبرءون منه فيها فقد آثر قرابته
وولاهم الأعمال وأغدق عليهم الأموال من بيت المال، ويكفرون عليا بعد واقعة
"التحكيم". واختلفوا في نوع هذا الكفر، بعضهم كفروه "كفر شرك" في الدين،
والبعض الآخر كفروه "كفر نعمة" فقط، أي جحود النعم الإلهية في واجبات
الخلافة. وكذا يبرءون من خصوم علي سواء أصحاب موقعة الجمل (الزبير وطلحة
وعائشة) وأصحاب صفين (معاوية ومن والاه).
[عدل]في طريق الإمامة
يتبنى الخوارج "الاختيار والبيعة" ويرفضون من قالوا أن الإمامة شأن من شئون
السماء، والإمامة عندهم من "الفروع" وليست أصلا من أصول الدين.
في مرتكبي الكبائر
يحكم الخوارج على مرتكبي الكبائر الذين يموتون قبل التوبة، بالكفر والخلود
في النار وهذا هو خلافهم الأساسي مع أهل السنة - بالإضافة إلى قتال علي.
وقد تبلورت تلك الفكرة في صراعهم الفكري والمسلح ضد بني أمية، عندما ظهرت
قضية "الحكام الذين ارتكبوا الكبائر واقترفوا المظالم".
في العدل
اتفق الخوارج على "نفي الجور عن الله سبحانه وتعالى"، بمعنى ثبات القدرة والاستطاعة المؤثرة للإنسان ومن ثم تقرير حريته واختياره.
]في التوحيد
أجمع الخوارج على تنزيه الذات الإلهية عن أي شبه بالمحدثات بما في ذلك نفي
مغايرة صفات الله لذاته أو زيادتها عن الذات. وانطلاقا من هذا الموقف قالوا
"بخلق القرآن".
في الوعد والوعيد
قالت الخوارج بصدق وعد الله للمطيع وصدق وعيده للعاصي، دون أن يتخلف عن وعده أو وعيده لأي سبب من الأسباب.
في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
جعل الخوارج لهذا الأصل صلة وثيقة بتغيير الظلم والجور والثورة على الحاكم الفاسد.
الزهد والقتال
اشتهر الخوارج بقدراتهم القتالية وزهدهم عن الثروة وعدم حرصهم على الاقتناء
كما اشتهروا بنسك وتقوى وصدق وشجاعة طبعت سلوكهم وسجلها لهم خصومهم في
كتاباتهم.
وقف الخوارج أنفسهم لنصرة العدل ومقاومة الظلم وحماية المستضعفين، وفي ذلك
فجروا الثورات ضد الأمويين وضد عمالهم، وانضم إلى الموالي من الفرس
والأمازيغ من أهل شمالي إفريقية. وكان الخوارج يشترطون في زعمائهم الشجاعة
والتقوى ويبايعونهم على الموت ويلقبون كلا منهم بأمير المؤمنين. وكان
قتالهم لمخالفيهم من الأشواق التي كانت تجذبهم إلى مزيد من التضحية
والاستشهاد وهم يعتبرون أنفسهم المسلمين حقا دون سواهم أما من عاداهم فلهم
دينهم.
من الخوارج
حوثرة بن وداع بن مسعود. من أسد
المستورد بن علقة بن زيد مناة. من تيم الرباب
الطائي. من طيء
حبان بن ظبيان السلمي
أبو بلا مرداس بن أدية المربعي الحنظلي. من تميم
الزبير بن علي السليطي. من تميم
نجدة بن عامر الحنفي. من بكر بن وائل
ثابت التمار. من الموالي
أبو فديك، عبد الله بن ثور بن قيس بن ثعلبة بن تغلب
أبو الضحاك، شبيب بن يزيد بن نعيم بن قيس الشيباني
أبو نعامة، قطري بن الفجاءة الكناني المازني. من تميم
عبد ربه الصغير. أحد موالي قيس بن ثعلبة
أبو سماك، عمران بن حطان الشيباني الوائلي
عبد الله بن يحي بن عمر بن الأسود. من كندة
الثورات
كانت لهم ثوراتهم وانتفاضاتهم الدائمة ضد الأمويين، ومن قبل عليّ.
وأما حروبهم ضد جيش عليّ فهي:
معركه النهروان - رمضان 37هـ : بقيادة أول أمرائهم: عبد الله بن وهب الراسبي، وهزموا فيها
الدسكرة (بخراسان) - ربيع ثان 38 هـ : بقيادة أشرس بن عوف الشيباني، وهزموا فيها
ماسبذان (بفارس) - جمادى الأولى 38 هـ : بقيادة هلال بن علفة، وهزموا فيها
جرجرايا (على نهر دجلة) - 38 هـ : ضد بقيادة الأشهب بن يشر البجلي
على أبواب الكوفة - رمضان 38 هـ : بقيادة أبو مريم -من بني سعد تميم - وهزموا فيها
ولكنهم دبروا مكيده لاغتيال على واغتيال عمرو بن العاص وكذلك معاوية بن أبي
سفيان. نجا عمرو ومعاوية وقتل علي بن أبي طالب على يد عبد الرحمن بن ملجم.
وبعد مقتل عليّ، وتنازل ابنه الحسن عن الخلافة لمعاوية بدأت حرب الخوارج
لأهل الشام وكادوا يهزمون جيش معاوية في أول لقاء لولا أنه استعان عليهم
بأهل الكوفة،
ثوراتهم على بني أمية:
تمرد داخلي ضد بني أمية بدأ سنة 41 هـ بقيادة سهم بن غالب التميمي والخطيم الباهلي حتى سنة 46 هـ حيث قضى على هذا التمر زياد بن أبيه
في أول شعبان 43 هـ خرج الخوارج بقيادة المستورد بن علقة وكان أميرهم، لملاقاة جيش معاوية
في سنة 50 هـ ثار بالبصرة جماعة بقيادة قربي الأزدي
في سنة 58 هـ الخوارج من بني عبد القيس واستمرت ثورتهم حتى ذبحهم جيش عبد الله بن زياد
في سنة 59 هـ ثاروا بقيادة حبان بن ظبيان السلمي وقاتلوا حتى قتلوا جميعا عن "بانقيا" قرب الكوفة
في سنة 61 هـ وقعت المعركة التي قتل فيها أبو بلال مرداس بن أدية، وكان مقتله سببا في زيادة عدد أنصار الخوارج
ثم خرجوا بالبصرة بقيادة عروة بن أدية
وخرجوا بالبصرة بقيادة عبيدة بن هلال
في آواخر شوال سنة 64 هـ بدأت الثورة الكبرى للخوارج الأزارقة بقيادة نافع
بن الأزرق وبدأت تلك الثورة بكسر أبواب سجون البصرة متجهين للأهواز
في سنة 65 هـ ثاروا باليمامة بقيادة أبو طالوت
في شوال 66 هـ حاربوا ضد جيش المهلب بن أبي صفرة شرق نهر دجيل
في سنة 67 هـ ثاروا بقيادة نجدة بن عامر فاستولوا على أجزاء من اليمن وحضرموت والبحرين
في أوائل سنة 68 هـ ثار الخوارج الأزارقة وهاجموا الكوفة
في سنة 69 هـ استولوا على نواح من أصفهان وبقيت تحت سلطانهم وقتا طويلا
في سنة 69 هـ ثاروا بالأهواز بقيادة قطري بن الفجاءة
في آخر شعبان سنة 75 هـ حاربوا المهلب بن أبي صفرة ولما هزمهم اسنحبوا لفارس
في صفر 76 هـ ثارو في "داريا" بقيادة الصالح بن مسرح وقاتلوا في أرض المدبح من أرض الموصل
وفي سنة 76 هـ وسنة 77 هـ تمنكوا بقيادة شبيب بن يزيد بن نعيم من إيقاع عدة هزائم ضد جيوش الحجاج بن يوسف الثقفي
ثم تكررت ثورتهم بقيادة شوذب وحاربوا في الكوفة على عهد يزيد الثاني
وفي عهد هشام بن عبد الملك ثاروا وحاربوا في الموصل بقيادة بهلول بن بسر ثم
بقيادة الصحاري بن شبيب حيث حاربوا عند مناذر بنواحي خراسان
في سنة 127 هـ حارب الخوارج بقيادة الضحاك بن قيس الشيباني وكان عددهم مائة
وعشرون ألفا من المقاتلين وحاربت في هذا الجيش نساء كثيرات وانتصروا على
الأمويين في الكوفة (رجب 127 هـ) وبواسط (شعبان 127 هـ)
في سنة 129 هـ ثاروا باليمن بقيادة عبد الله يحيى الكندي واستولوا على
حضرموت واليمن وصنعاء وأرسلوا جيشا بقيادة أبو حمزة الشاري فدخل مكة وانتصر
في المدينة إلى أن هزمه حيش أموي جاءه من الشام في جمادى الأولى 130 هـ.
ثورة الخوراج في شمال الافريقي... فرت الخوراج إلى الجزائر وتونس وليبيا،
وتجمعوا بشكل خاص في المغرب الأقصى وكانوا متعصبين لفكرتهم، شديدي التمسك
بمبادئهم، نشروا مذاهبهم بين البربر وغيرهم، وساعد على ظهور الخوارج شعور
معظم البربر بالظلم الذي كان يعاملهم به عمال بني أمية، وذلك الشعور بالغبن
من عدم مساواتهم في التعامل ببقية المسلمين. استغل هذا الوضع رجل يدعى
"مسيرة"، فقادهم بعد أن جمعهم للثورة على والي طنجة-عمرو المرادي- الذي كان
شديدا يبطش بهم، فقتله، وولى خارجيا على طنجة يدعى عبد الأعلى بن جريح،
وبعد احتلال طنجة توجه نحو السوس فاحتلها، وتقدم باتجاه القيروان.
أدت هذه الثورات إلى إضعاف الدولة الأموية واستنزاف قواها ونمت من عدد
الفرق والأحزاب المعارضة والمناهضة للأمويين واتسعت دائرة الثورة الخارجية
بين الناس ولم تعد قاصرة على المؤمنين فقط بفكر الخوارج.
أحاديث عن الخوارج
روى الإمام البخاري في صحيحه أنه قيل للصحابي الجليل سهل بن حنيف الأنصاري
رضي الله عنه: هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الخوارج شيئا؟
قال: سمعته يقول، وأهوى بيده قبل العراق: يخرج منه قوم يقرؤون القرآن، لا
يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرَمِيّة.
روى الإمام البخاري في صحيحه عن الصحابي الجليل أبي سعيدٍ الخُدْري أنه
قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسماً -أي يقسم
مالاً-، إذ أتاه ذو الخويصرة، وهو رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله
اعدل! فقال: ويلك! ومن يعدل إذا لم أعدل، قد خبتُ وخسرتُ إن لم أكن أعدل.
فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه؟ فقال: دَعهُ، فإن له
أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم -أي من شدة عبادتهم-،
يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم -والترقوة هي العظمة الناتئة أعلى الصدر أي
يقرأون القرآن ولا يفقهونه-، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية..
قال أبو سعيد: فأشهدُ أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهدُ أن عليا بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه.
روى الإمام البخاري في صحيحه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال:
إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً، فوالله لأن أَخِرّ من
السماء أحبّ إليّ من أنْ أكذب عليه، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: سيخرج قومٌ في آخر الزمان، أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام،
يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما
يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قَتْلِهِم أجراً
لِمَنْ قَتَلَهم يوم القيامة.
روى الإمام الترمذي في سُننه بسند حسن عن الصحابي الجليل أبي أُمامة
الأنصاري أنه رأى رؤوس الخوارج منصوبة في دمشق، فقال أبو أمامة -راوياً عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم-: كلاب النار، شر قتلى تحت أديم السماء، خير
قتلى من قَتَلوه، ثم قرأ: ﴿يوم تبيض وجوه وتسود وجوه﴾ إلى آخر الآية. فقيل
لأبي أمامة: أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال رضي الله عنه:
لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً –حتى عدّ سبعاً– ما
حَدّثْتُكُموه.
وروى الإمام الهيثمي في المُجْمَع بسندٍ رجاله ثقات عن سعيد بن جهمان أنه
أتى الصحابي الجليل عبد الله بن أبي أوفى -وكان ضريراً- فسلمّ عليه، فقال:
من أنت؟
فقال: أنا سعيد بن جهمان قال: ما فعل والدك؟ رد سعيد: قتلته الأزارقة -وهي
من فرق الخوارج- فقال رضي الله عنه: لعن الله الأزارقة لعن الله الأزارقة،
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كلاب النار فقال سعيد: الأزارقة
وحدهم أو الخوارج كلها؟ قال بن أبي أوفى: بل الخوارج كلها فقال سعيد: فإن
السلطان يظلم الناس ويفعل بهم ويفعل فتناول بن أبي أوفى بيد سعيد بن جهمان
فَغَمَزَها غمزة شديدة، ثم قال: يا ابن جهمان عليك بالسواد الأعظم، فإن كان
السلطان يسمع منك فائته في بيته فأخبره بما تعلم -أي انصحه وأبلغه ظلم من
تحت يديه- فإن قَبِلَ منك وإلا فَدَعْهُ فلست بأعلم منه.
من أشعارهم
قال شاعرهم عيسى بن فاتك متحدثا عن انتصارهم في موقعة "آسك" التي خروجوا فيها أربعين رجل ليقابلوا جيشا لبني أمية تعداده ألفان:
أألفـا مؤمـن فيمـا زعمتم / ويهزمهم بآسك أربعونا
كذبتم، ليس ذاك كما زعمتم / ولكن الخوارج مؤمنونا
وقال شاعرهم عمران بن حطان: إني أدين بما دان الشراة به / يوم النخيلة عند الجوسق الحزب
وقال شاعرهم الوليد بن طريف: انا الوليد بن طريف الشاري / جوركم أخرجني من داري
وقال شاعرهم الصلت بن مرة: إني لأهونكم في الأرض مضطربا / ما لي سوى فرسي والرمح من نشب
وقال شاعرهم يزيد بن حبناء:
دعي اللوم إن العيش ليس بدائم / ولا تعجلي باللـوم يا أم عاصـم
فإن عجلـت منـك الملامـة فاسمعي / مقـالــة معنــى بحقـك عالــم
ولا تعذلينـا في الهديـة إنمــا / تكون الهدايا من فضول المغانم
فليـس بمهـد مـن يكـون نهــاره / جلادا ويمسـى ليلـه غيـر نائـم
الفرق
انقسم الخوارج في بعض المسائل والفروع وإن ظلوا مجتمعين على أصولهم الفكرية، فانقسموا إلى:
[عدل]الأزارقة
أتباع نافع بن الأزرق. قرروا أن "ديار مخالفيهم هي ديار كفر" فمن أقام بها
فهو "كافر"، وقالوا أن "أطفال الكفار" سيخلدون في النار، وأنكروا رجم
الزاني، وأقروا الحد لقذف المحصنة دون قذف المحصن، وسووا في قطع يد السارق
بين أن يكون المسروق قليل أو كثير.
[عدل]النجدات
أتباع نجدة بن عامر الحنفي. قالو أن الدين أمران:
معرفة الله ومعرفة رسوله وتحريم دماء المسلمين وأموالهم
الإقرار بما جاء من عند الله جملة
وما عدا ذلك من الحلال والحرام والشرائع فالجاهل بها معذور لأنها ليست من
الدين وقالوا بكفر المصر على الذنب والمعصية كبيرة كانت أم صغيرة.
[عدل]الصفرية
أتباع زياد الأصفر أو النعمان بن الأصفر أو عبد الله بن صفار، وهم مثل
الأزراقة، خالفوهم فقط في امتناعهم عن قتل أطفال المخالفين لهم في
الاعتقاد.
مصادر
تيارات الفكر الإسلامي: د.محمد عمارة - دار الشروق - الطبعة الثانية